بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 فبراير 2011

صنعة أبوك


صنعة أبوك
       قبل عهد الطفرة كانت معظم العائلات في مجتمعنا تعرف باسم الحرفة التي تغلبعليها أمثال عائلة الصباغ والصائغ ، والنجار والحداد والطباخ وغيرها ، وكان أفراد العائلة يتوارثون الحرفة - أغلب الأحيان - أبا عن جد ، وينقلها الآباء إلى أبنائهم ، وبقيت الحالهكذا حتى جاء عهد الطفرة وانتشرت الجامعات وتوسعت رقعة التعليم وتوفرت الفرص الوظيفية الحكومية فانصرف الناس عن الاحتراف وحل محلهم الحرفيون الوافدون0
        ومن صفات الحياة عدم الثبات على حال لأن دوامه من المحال - كما هو معروف - فخلال الفترة التي نعيشها الآن تدخل علينا مرحلة أخرى وهي وإن اتسمت بطابع رسمي بالاتجاه نحو السعودة ، إلا أنها ستدفع بالمجتمع نفسه فيما بعد إلى اتخاذ قرار ذاتي بالعودة إلىوضع أشبه ما يكون بما كان قبل الطفرة ، هذا التوقع ينتابني كلما ذكرت قضية السعودة يدفعني إلى التفاؤل بعودة المياه إلى مجاريها الحقيقية ، حيث سيجبر كثير من أصحاب الحرف إلى تشغيل أبنائهم وأقاربهم ليكتسبوا مع الأيام الخبرة ويصبحوا من أهل الصنعة كما كان بفعل آباؤهم وأجدادهم ، و لن تكون هناك حاجة إلى تشغيل أيدي عاملة من غير أبناء المجتمع إلا بنسبة ضئيلة كما كان الوضع من قبل، ومع مرور الوقت ستعود العوائل إلى الاصطباغ بالحرف ويتوارث الأبناء عن آبائهم الصناعات التي يحتاج إليها المجتمع0
          ومن البدهي القول أن التغير قد سيطر على ملامح كثير من الصناعات وتوسعتإطارات الصناعة أصلا فلم تعد الصياغة والنجارة وأمثالها هي الحرف الوحيدة التي يمارسها الناس بل دخلت أنواع جديدة من الصناعات تتناسب مع التغيرات التي طرأت على طريقة حياة وتفكير المجتمع ومستجدات العصر ، كما أن أساليب الإنتاج وطرق التنفيذ لم تعد كما كانت لنفس الحرف القديمة حيث دخلت الميكنة وأنظمة الحاسوب التي باتت تتحكم في تصميم وتنفيذ المنتجات المعاصرة ، وهذه التغيرات تشجع الكثيرين على اقتحام عالم الصناعة بمفهومها المعاصر ، وخاصة جيل الشباب الذي عايش ظهور الحاسب وعايشه دراسة وممارسة ، فهذه التغيرات تعتبر دافعا لمتغيرات إيجابية كثيرة يمكن توقعها وحدوثها بإذن الله 0
        ومن النتائج المرجوة من وراء كل ذلك تفتيق الطاقات الكامنة والقدرات الإبداعية لدى أبناء المجتمع وهي لا تعد ولا تحصى ولكنها مخبوءة وتحتاج إلى أيدي ماهرة لاستخراجها وتحريكها ، وقد حانت اليوم الفرص لإبرازها إلى الوجود والاستفادة منها في عملية البناء والتطوير 0
       إن المستقبل يحمل بين جوانحه - بإذن الله -إشراقات كثيرة من خلال عملية السعودة التي تحرص على تحقيقها جميع القيادات العليا في بلادنا الغالية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين رعاه الله ووفقه ، والهدف من وراء ذلك الارتقاء بالطاقات البشرية وتوفير المناخ المناسب ليتحمل كل فرد مسئوليته الذاتية للمشاركة الفاعلة في عملية البناء والنماء التي تعتبر هاجسا يشغل فكر وقلب كل المخلصين من القيادات والأفراد العاديين 0
         ومن البدهي أيضا القول أن التغير سيصيب كثيرا من المفاهيم الاجتماعية الخاطئة التي كانت وربما لا تزال تنظر إلى الحرف نظرة الريبة أو الاستخفاف والاحتقار ، فالتعليمالذي بسط رداءه على كل أرجاء بلادنا الغالية كان له تأثير واضح في بداية هذا التغير الإيجابي ، ولا ينتظر أن يحدث التغير الكامل فجأة فهذا من المستحيل ، بل لابد من الانتظار فترة قد تطول وقد تقصر حتى يمكن حدوث التغيير المراد ، وهذا التغير يساعد كثيرا في توجيه أفراد كثيرين من أبناء المجتمع لاقتحام عالم الحرف بكافة أنواعها ، وهذا كله يساعد في تحقيق أهداف عملية السعودة ، وفق الله كل المخلصين لما يحبه ويرضاه ولما فيه مصلحة البلاد والعباد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة