بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 فبراير 2011

قديما قالوا000!


قديما قالوا000!
قال الأقدمون:
 مكتوب على ورق الخيار ،من سهر الليل نام النهار 00!
من أبسط ما يشير إليه هذا المثل أن الذي يقضي ليله ساهرا فلابد أن يعوض حاجته من النوم نهارا،وخلف هذه الكلمات من المعاني الشيء الكثير،فالفرد لا يعيش وحده فهو مدني بطبعه كما يقول علماء الاجتماع يرتبط بمن حوله من أفراد المجتمع الإنساني برباط وثيق،ولا يمكنه بحال الاستغناء عنهم، وبالتالي يتحتم عليه القيام بدور معين لقاء انتسابه لهذا المجتمع ،وإلا فلن يعدو أن يكون  مجرد عضو خامل لا قيمة له ولا وزن00!
والعلاقات الانسانية الاجتماعية متشابكة بما تحتويه من مصالح مشتركة بين جميع الأفراد،فالموظف الذي يضطره عمله إلى مقابلة الجماهير إن تلاعب بأوقات الدوام الرسمي فسيؤدي هذا إلى الأضرار بالمصلحة العامة ،وقد يكون من أسباب هذا التلاعب سهره إلى ساعات متأخرة من الليل فيضطر إلى النوم نهارا في بيته ،والاعتذار لرئيسه عن الحضور للعمل،وإن ذهب لعمله وتفضل بمقابلة الجمهور فهو لا يستطيع مقاومة نوبات التثاؤب المتقاربة مع تقصير ظاهر في أدائه لعمله0
أما الآثار الأخرى المترتبة عن  السهر المتأخر فليس من ابسطها شأنا تضييع صلاة الفجر جماعة أو عن وقتها،وهي إن أديت مع الجماعة فالنوم يداعب الأجفان ويسيطر على كل القدرات العقلية فتكون أشبه بجسم ميت 0
والهدر الحياتي الذي ابتلي به الأفراد والمجتمع ليس أهون الشرور بل أفسدها،فما قيمة الحياة إن لم يكن لها مردود إيجابي في كل حين،ما قيمة الحياة إن ضيعت بين” لت وعجن " ونوم بالنهار وضياع بالليل؟
وإذا ما حسبت الخسائر المادية للهدر الحياتي والسهر غير الضروري ،فلن يسلم منها أحد،رغم أن البعض يهون من شأنها باعتبارها قضايا شخصية ،ولكن من المؤكد أنها ليست كذلك،فالمصالح الشخصية الفردية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصلحة العامة ،فالاستهلاك الكهربائي بكمية وكيفية خاطئة من قبل فرد أو مجموعة يؤثر سلبا وبدرجة كبيرة على الاحتياجات العامة ،ومثل ذلك الاستهلاك غير الصحيح للماء والمواد التموينية،حيث تدخل في إطار الإسراف والتبذير"كلوا واشربوا ولا تسرفوا،إن الله لا يحب المسرفين"و"ولا تبذر تبذيرا،إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين"0
ولو أن كل فرد في المجتمع أحس بمسؤليته ودوره في عملية البناء الاقتصادي والتكوين الاخلاقي ،وعرف مدى تأثير سلوكياته السلبية على مسيرة الحياة في مجتمعه ،مع يقينه أن من أبسط الواجبات عليه أن لا يكون حجر عثرة في سبيل عمليات البناء   والنمو والتطوير ،كما أن عليه استشعار أهميته كفرد في هذا الكيان،لو أن كل فرد يعيش هذا الإحساس عمليا ووجدانيا فالفرصة فسيحة جدا لوصول المجتمع إلى مستوى راق من التطور والنمو0
وإذا كان بعض الناس لا يستطيع استشعار مسؤولياته ومعرفة الواجبات التي عليه تجاه مجتمعه،فالعقلاء وأصحاب الرأي وصناع القرار لا يمكن أن يكونوا بنفس المستوى ،لأنهم يحملون مسؤولية تبصير الجماهير وتسليط الضوء على الإطارات والمبادئ الواجب العناية بها،والعمل من خلالها لضمان سلامة البناء الاجتماعي من عوامل الانهيار أو التفكك ، والعقلاء في كل مجتمع لابد وأن يقوموا بدورهم التوجيهي ،ولا يحق لهم التنازل عنه لغيرهم ممن لا يمتلكون مؤهلات التوجيه والقيادة0
مسئولية وسائل الإعلام:
وإذا كانت وسائل الإعلام المختلفة تحاول القيام بدور همزة الوصل بين أصحاب الرأي وبين الجماهير،فهي نفسها لا تخلو من تحمل المسؤولية فيما يعانيه المجتمع من سلبيات  هي بعض نتائج ما تقدمه تلك الوسائل من أعمال ،وكمثال على بعض السلبيات التي تساهم في وجودها وسائل الإعلام عموما والتلفاز خصوصا  ما يعرف بـ"الهدر الحياتي" ،حيث تعرف الجماهير على كثير من أساليب الهدر الحياتي عن طريق التلفاز ،الذي يمتلك قوة عجيبة في اجتذاب الجماهير وشدهم لساعات طويلة ليلا أو نهارا ولو لغير فائدة
ولعل أحدا يتساءل عن التلفزيون الذي أقصده 00بالطبع أصابع الاتهام تتجه مباشرة إلى البرامج المتساقطة على الرؤوس من الفضائيات،فهي تراعي عرض كل يربط الجماهير مراهقين وأشباههم إلى الشاشة،وكم من شخص جلس إليها بحجة متابعة الأخبار ومعرفة ما يجري للمشردين والأيتام والثكلى فإذا بالعالم ينفرج عليه هازئا منه،فقد ضيع الكثير من وقته وحرق من  أعصابه ما يكفي لزحزحة جبال عن مواقعها،وتبقى تلك المحطات الفضائية من أسباب الهدر الحياتي الذي أصاب أفراد المجتمع ونشكو منه محاولين البحث عن الحل00ولا أظن ذلك مستحيلا،لكننا نحتاج إلى شجاعة في اتخاذ القرار0
      مسئولية البيت:
يتحمل البيت قدرا كبيرا من المسئولية،فهو المحضن الأساس للفرد،والمفتاح لهذا البيت   بيد الوالدين أحدهما أوكلاهما،وإذا ما ضيع المفتاح منهما أو كانا غير حازمين في المحافظة عليه وأصبح لعبة في يد الصغار،لم يسلم هذا البيت من عوامل النخر والهدم في نهاية المطاف
0وقديتصارع البيت مع المدرسة حول من يتحمل المسئولية،لكن الصحيح أن لكل واحد منهما دوره الذي لا يمكن للآخر القيام به،فلابد من الاعتراف بأهمية هذا الدور وعدم التهرب من تحمل مسئوليته، وحتى يقوم البيت بدوره فلابد له من عناصر تعينه على ذلك وهي:
1)الوالدان القدوة
2)المبادئ التي تحكم جميع الفعاليات في البيت وتربط بين أفراده
3)توفر العناصر الثقافية التي تساهم في التكوين الفكري والثقافي للفرد
4)توفر الاحتياجات الأساسية للحياة
5)العلاقات الاجتماعية الجيدة خارج نطاق الأسرة0
هذه العناصر يعتبر وجودها ضروري لتكوين شخصية الفرد بصورة متوازنة ومن جميع النواحي، إلى جانب أن التركيز لابد وأن  يسلط على القدوة الوالدية ليس في مستوى المظهر فقط، بل حتى في طريقة التفكير في المواقف المختلفة، وأسلوب اتخاذ القرار، وكيفية التعامل مع الآخرين وبالذات داخل نطاق الأسرة، كل هذا يشكل ثقلا كبيرا لما يمكن اعتباره قدوة   من الوالدين لأبنائهما، كما أن التوجه الفكري والالتزام بقيم الدين من أهم العناصر المؤثرة في عملية الاقتداء0
العناصر الثقافية:
أما وجود العناصر الثقافية كالكتب وبقية الوسائل المعرفية فهي تقوم بدور حساس عميق الأثر في التكوين الثقافي للفرد،فكلما كانت هذه العناصر متوفرة وباستمرارية وتجديد دائم ومتنوع ؛كانت الإطارات الثقافية للفرد متنامية وناضجة،وكلما ضاقت دوائرها تقلصت وأصبحت تدور حول نفسها ،وليس ببعيد أن تذبل شخصية الفرد ويصبح من ذوي الأفق الضيق الذين يهتمون بصغائر الأمور وسفا سف الحياة
إن للبيت دورا هاما في توجيه الأبناء نحو حياة مجدية مثمرة وبأساليب تتناسب مع العصر،لكن داخل إطارات من الأصالة والجدية،إذا أحسن الوالدان القيام بدورهما بالصورة التي توفر للمجتمع أفرادا ناضجين مؤهلين لتحمل مسئوليتهم في بناء المجتمع ومساعدته على حل مشكلاته التي من بينها الهدر الحياتي0
المدرسة ودورها الرائد:
تحملت المدرسة منذ بدايات وجودها مسئولية تربية وتوجيه الأفراد في حياتهم الخاصة والعامة،وكانت إلى عهد قريب تشارك البيت تحمل المسئولية،لكنها اليوم أصبحت تنوء يمالا تطيق،بل إنها تحاول التخلص من كثير مما حملت،ليس لعدم كفاءتها وعدم قدرة العاملين فيها على التوجيه بل لأنها أصبحت مكبلة اليدين مكممة الفم0
الدور المفقود:
والمعلم بعدما كان المنطلق الذي تنبثق منه كل أنواع السلطة التربوية أضحى اليوم ولا سلطة لديه،أما المدير ومن حوله من الهيئة الإدارية فليس بين أيديهم إلا كتابة التعهدات وحفظها في الملفات،وإزاء هذا الوضع الذي لا تحسد المدرسة،لا يمكن القول بأن لها دورا يمكنها القيام به في علاج أية مشكلة عموما ،ومشكلة الهدر الحياتي خصوصا والذي نشكو منه ونتألم0
يمكن للمدرسة أن تقول المختصر والمفيد،وليس عليها نتائج ذلك ،وسواء عمل بما أشارت به أم لم يعمل به،فبإمكانها تبيين أهمية الوقت وأنه قرين الحياة للفرد والمجتمع،وبإمكان المدرسة توضيح الأساليب المجدية لاستثمار الوقت ،خاصة أثناء الإجازات أو خلال الأيام العادية،كما أن المدرسة يمكنها توضيح الأضرار الناجمة عن سوء استغلال الوقت بما في ذلك السهر غير الضروري0


المدرسة أولا وأخيرا:
ولاننس أن بالمدرسة من الإمكانات المادية والتجهيزات ما ليس في المنزل أو غيره،مما يساعدها على استيعاب أبناء المجتمع خلال الإجازات ،فالمكتبة والمعامل والمراسم والملاعب يحتاج إليها في حل مشكلة الفراغ واستثمار الوقت، ولكن ليس بتوفر هذه الإمكانات  وحدها تصبح المدرسة ذات صلاحية لممارسة دورها التربوي في حل مشكلة الهدر الحياتي،قد يكون هذا جزء من الحل،لكن المدرسة تحتاج إلى إطلاق يدها وإعطائها قدرا أكبر من السلطة التربوية لتوجيه أبناء المجتمع،وبالتالي تصبح أداة فاعلة في حل قضايا بيئتها، ليست المدرسة مجرد مبان أو تجهيزات،إنما هي الطاقة البشرية المحركة التي تستطيع القيام بمسئوليتها التربوية في أي مكان ولو تحت ظل شجرة أو في أحضان خيمة بالصحراء0                                                                                                        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة