بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 فبراير 2011

مـظـلوم يـا نـاس00!


مـظـلوم يـا نـاس00!
من السهل على الكبار توجيه  اللوم إلى الصغار دائما باعتبار ملكيتهم لعصا التأديب والاحترام،لكن هل فكر هؤلاء الكبار ذات يوم في حقيقة مواقفهم من الأجيال الناشئة التي تخلفهم في ساحة الحياة0
 لن نختلف كثيرا في ضرورة الحفاظ على مستوى معين من التقدير والإجلال من الصغار للكبار فهذا من أخلاقيات الدين القويم،ولكن مع هذا التقدير يبقى للصغار حقوق على البالغين قد تضيع في زحمة الانشغال بما يستحقه هؤلاء الكبار من احترام0
في كثير من الأحيان يتغافل الكبار عن هذه الحقوق إما جهلا أو تجاهلا،لأن الصغار ليس لديهم القدرة للمطالبة بها أو لم تجر العادة بذلك،وإذا كان الحديث عن الصغار يشمل فئتين هما الأطفال وفئة الشباب فإنني أوجه هذه الأسطر لمناقشة قضية حقوق الشباب على الكبار،هذه الفئة التي ظهرت نتائج إهمالهم على سطح الحياة الاجتماعية بشكل مؤرق0
نحن في كثير من الأحيان نردد بعض العبارات الرنانة حول الشباب مثل:" أمل المستقبل" و"رجال الغد" وغيرها من المصطلحات الجميلة والبراقة والتي تحاول دغدغة مشاعر الشباب،هم بلا شك كما تصفهم تلك العبارات بل وأكثر،فبدونهم تنحدر الأمة إلى الشيخوخة ،وبهم يمكنها الارتقاء إلى أعلا درجات النمو والتطور والمجد،إنهم طاقة الأمة الدافعة والمحركة لها في طريق الحياة،وفيهم من الخير مالا يتصوره أحد00!
لكن المؤسف أن أكثر الشباب لا يشعرون في قرارة أنفسهم بمدى أهميتهم وحساسية المرحلة التي يعيشونها،ومقدار الطاقة التي يمتلكونها،لذلك فإن معظم الشباب يحاول تبديد طاقاته بكل ما يستطيع وكيفما اتفق،وليس الخطأ منهم فقط،بل  إن المسئولية مشتركة بينهم وبين الكبار0
وبطبيعة الحال فإن الآباء يتحملون جزءا لا بأس به من المسئولية ،ثم يأتي دور غيرهم ممن حملوا أمانة توجيه وتربية الشباب،ويوجد كثير من الآباء لا يدرك مدى تأثير مواقفه السلبية على شخصية أبنائه،وغالبية الآباء -المثقفون وغيرهم - لا يدرك الأسلوب المناسب للحفاظ على طاقات فلذات كبده،وكيفية توجيهها الوجهة السليمة،فهو محتار فيما يجب فعله من أجلهم وكيف يتصرف معهم،وما هي السبل التي يمكنه إرشادهم إليها0
كثير من الآباء يترك لابنه الشاب حرية مطلقة في الحركة والتصرف إلى درجة لا يشعر الابن بأية سلطة أبوية عليه،وبالتالي يعيش في عالم بعيد عن الروح الأسرية،وبعض الآباء   يشكو من عدم قدرته في السيطرة على سلوكيات ابنه الشاب،وأقل ما يتمناه هو ضبط أوقات دخول وخروج ابنه من البيت،ولو فتشت لوجدت الأب نفسه يفقد السيطرة على نفسه هو أولا،لأنه يريد امتلاك أكبر مساحة من حرية الحركة داخل البيت وخارجه،وينسى أن جميع تصرفاته وسكناته ما هي إلا قدوة لأبنائه0
من المشكلات التي تعاني منها كثير من الأسر القدرة على توجيه الأبناء في اختيار المجال الدراسي الذي يناسب  إمكاناتهم ورغباتهم،وأكثر ما تظهر هذه  المشكلة عند نهاية المرحلة الثانوية والانتقال إلى الجامعة، فقد يعيش البيت كله في حيرة من أمره :كيف وأين ولماذا؟ ،سلسلة طويلة من علامات التساؤل 0
الشاب في مجتمعنا لا يعرف - غالبا- بالضبط قدراته الحقيقية وميوله الكامنة لديه،وبالتالي يفتقد القدرة على توجيه الدفة نحو المجال الذي يتناسب مع ما لديه من إمكانات،ويشارك الوالدان وكثير من أفراد العائلة الشاب حيرته،وتتأكد هذه الحالة بعد ظهور نتائج الثانوية،والإعلان عن مواعيد ونسب القبول بالجامعات،وتمر أسابيع ،بل ربما اشهر قبل أن تنتهي هذه الدوامة ،وقد يصل الحال أحيانا إلى نشوب معارك كلامية بين الآباء والأبناء،وقد تتدخل الأمهات إلى جانب أبنائهن  فتزداد المعركة التهابا0
ومما يزيد المعركة حدة ما تطلبه الجامعات من نسب عالية ، وبالمقابل قد يكون محصول الشاب لا يؤهله لتلبية متطلبات الجامعة مما يوقع الجميع في الحيرة أكثر وأكثر،ويبدأ التفتيش عن الأساليب التي يمكن عن طريقها الحصول على قبول هنا أو هناك،وإذا فشل الجميع ،يبدأ التفكير في البدائل المتوفرة داخل المملكة أو ربما خارجها، وخاصة إذا كانت الرغبة في تخصص معين بذاته0
وبإجراء عملية تحليل بسيطة لهذه المشكلة التي تعيشها البيوت وخاصة في السنوات الأخيرة،فإننا سنجد أن منشأ هذه المشكلة يأتي من البدايات الأولى للمراحل الدراسية، فنحن نفتقد في مدارسنا الابتدائية الاكتشاف المبكر لقدرات وميول الطفل، وحتى البيت لا يساهم بأي جهد في هذا المضمار،ولو توفرت لدينا خطة الاكتشاف هذه فربما وفرت علي الجميع الشيء الكثير،وبالتالي فإن الشاب عندما يصل إلى نهاية المرحلة الثانوية يصبح من السهل عليه معرفة المكان المناسب لميوله وقدراته سواء داخل الجامعات أم خارجها0
ونتائج عدم توفر التوجيه المبكر للقدرات والميول تظهر في حالات الضياع الدراسي والمهني لدى أعداد كبيرة من الشباب،فقد يتوجه الشاب في المرحلة الثانوية إلى القسم العلمي أو الأدبي دون الرجوع إلى ميوله وقدراته الحقيقية ،والسبب في ذلك رغبته في عدم مفارقة "البشكة" 0
 وتظهر نتيجة الخطأ في الاختيار بعد مرور أشهر أو عام من بداية التخصص، كالرسوب أو انخفاض مستوى الدرجات،أو الضعف العام وعدم القدرة على مجاراة المستوى العلمي للدراسة،وبالتالي قد تحدث حالات من التسرب الدراسي ،ويشعر الشاب بعدم القدرة على مواصلة الدراسة،وقد يزداد الحال سوءا أن لا يوجد في المدرسة من يعينه   على اجتياز الأزمة،ولذلك فقد يعيش الشاب دوامة قد تغير مجرى حياته كلها0
إن الشباب ثروة غالية للأمة،إذا لم تحسن استثمارها وتوجيهها فالخاسر الأول هي الأمة00ولا ينفع عندئذ ندم ولا جزع000!                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة