بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 فبراير 2011

أميركا والسلبية المزمنة


أميركا والسلبية المزمنة
       في العدد ( 385 المؤرخ بيوم الخميس 17 سبتمبر 1959 م ، منجريدة " الصداقة " التي كان يصدرها مكتب الولايات المتحده للاستعلاماتلتعزيز التفاهم الدولى بالقاهرة ، نشر تصريح لأمين عام الجامعه العربيةآنذاك السيد عبد الخالق حسونه جاء فيه قوله إن علي العرب والأمريكيينالتزاما مشتركا بالعمل علي استئصال أسباب سوء التفاهم التي تعتبر مصطنعة أكثر منها حقيقة 0
            وأشاد السيد حسونه بالكلمات الحكيمة التي تضمنها الخطاب الذيوجهه الرئيس أيزنهاور إلى الشعب الأمريكي حيث تصور بوضوحمعتقدات العرب وأمانيهم ، وأشار السيد حسونه إلى جو الثقة التي كانتتتميز به العلاقات العربية الأمريكية منذ أيامها المنتدى الأول ، فقد كانتالعلاقات بين الولايات المتحده والعالم العربي قائمة -- منذ البداية -- عليالمثل العليا الإنسانية خالية من المطامع أو الأغراض الشؤون ، علي عكسعلاقات العرب مع دول غربية أخرى كان قدومها إلى الشرق الأوسطيهدف إلى أطماع استعمارية سافرة أو مقنعة ، ولم يظهر العرب قط مثلهذه الثقة باي دولة أجنبية 0
هذا التصريح لأمين عام الجامعه العربية الأسبق يحمل في كل كلمةمنة حقائق ما تزال قائمة حتى يومنا هذا بالنسبة لموقف الأمة العربية كلها ،فما يزال الاحساس نفسه والثقة نفسها بالجانب الأمريكي رغم سلبية هذاالجانب في كثير من المواقف وعبر أكثر من أربعة عقود من تاريخ القضيةالفلسطينيه ، فهو لم يقدم من جهته ما يؤكد النوايا الصادقة في دعم إحساسالثقة المبذول من الجانب العربي الذي لأ يزال موقفه معتمدا علي مساحةواسعة من الأمل في أن يقوم الجانب الأمريكي بما يساند الحقوق العربيةالمغتصبة ويعيدها إلى أهلها ،أو على الأقل الوقوف بحياد " حقيقيوعدم"الانحياز " الفاضح أو المخفي إلى جانب اليهود الغاصبين00‍
السلبية المزمنة التي اتصف بها الجانب الأمريكي تجاه الحقوق العربيةيؤكدها وبصورة لا تحتاج إلى دليل " الفيتو " الأمريكي الذي أصبح سيفامسلطا على رقاب دول العالم أجمع في كل مرة تتفق فيها هذه الدول علىقرار يجابه التعنت الإسرائيلي ،كما أن كمية ونوعية الدعم الماديوالمعنوي الذي يبذله الجانب الأمريكي في سبيل إرضاء الكيان اليهودي لايعادله أي دعم للجانب العربي00
وإذا كان العرب منذ بداية علاقتهم مع أمريكا يحدوهم الأمل في مساندةمواقفهم المطالبة بحقوق اعترف العالم كله بها ، لكنهم وبعد مرور السنواتالتي بلغت الخمسين لم يتحقق لهم شيء يمكن اعتباره ذا قيمة ، فهل يتوقعمنهم البقاء على نفس مستوى الثقة والأمل المعقود على الجانبالأمريكي00
أكبر الظن أن العرب ومن ورائهم الأمة الإسلامية لن تتغير مواقفهم ،فهم يتميزون بالأصالة والثبات على المبادئ ، كما أن الجانب العاطفي يغلبعلى سلوكياتهم ، فالكلمات الرقيقة والعبارات الرنانة تدغدغ مشاعرهموتهز أحاسيسهم، وفي كل مرة يرتفع فيها مؤشر الغضب لديهم نتيجة موقفظالم أو عملية جائرة من الجانب اليهودي ، تأتيهم الكلمات المعسولة منجانب أمريكا - والغرب من ورائها - فتعيدهم إلى حالة التهويمات الخادرةوالركون إلى الآمال العريضة في سلام "دائم وعادل " برعاية ومشاركةالدولة العظمى الوحيدة " أمريكا " ومباركتها 0
وبعقد مقارنة سريعة بين المصالح الأمريكية في العالم الإسلامي ،مقارنة مع المصالح الأمريكية لدى الجانب اليهودي فإن النتيجة ستؤكدضخامة هذه المصالح لدى العالم الإسلامي ، فعدد المنتمين إلى أمة الإسلاميتجاوز المليار نسمة ، في حين أن عدد اليهود في العالم كله لا يتجاوزالعشرين مليونا - على أحسن تقدير - ، كما أن كمية ونوعية المصالحالاقتصادية والعسكرية مع العالم الإسلامي تبلغ أضعاف أضعاف ما لدىالجانب اليهودي ، وحقول البترول الموزعة على خارطة العالم الإسلاميإلى جانب السوق الاستهلاكية للمنتجات الأمريكية لا يعدلها شيء لدىالجانب اليهودي0
            فإذا كانت هذه المقارنة - التي يمكن أن توصف بالبساطة -للمصالح الأمريكية لدى العرب واليهود تؤكد أهمية إعادة الولايات المتحدةالنظر في حساباتها والرجوع عن السلبية التي اتسمت بها مواقفها تجاهالعرب ، فإن مؤشر الربح سيكون مرتفعا إلى درجة لا يمكن أن يصل إليهمثيله مع اليهود ، ومن المؤكد أن هذا التراجع لن يكون سهلا باعتبار حجمالضغوط والمغريات المقدمة من اليهود تجاه أمريكا ، ومن المؤسف أنالجانب العربي - رغم إمكاناته الفذة ليس لديه الأسلوب المقابل لتلكالضغوط ، وبالتالي فهو لن يصل إلى مرحلة إقناع الجانب الأمريكي بمايمكن فعله وبما يعيد الحسابات إلى خاناتها الصحيحة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة