بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 فبراير 2011

وهل ستتغير بريطانيا


وهل ستتغير بريطانيا

بريطانيا عقادة العقد " رحم الله الدكتور أحمد زكي الذي كان رئيس تحرير مجلة العربي الكويتية ، فقد كان يكرر هذه الجملة والتي لايزال صداها يتردد في ذاكرة التاريخ عندما تقلب الصفحات الخاصة ببريطانيا وعلاقتها بدول العالم الثالث ، والعالم العربي بصفة خاصة ،عندماكانت تحل في بلد من بلاد العالم تزرع قضية في تلك المنطقة هي كالقنبلة الموقوتة ، يمكن أن تنفجر في أي لحظة ، وتبقى العقدة مستعصية على الحل ، بل ربما تتفاقم وتتسع آثارها لأجيال متتالية وهي في استمرارها المشئوم ذلك تأكل الأخضر واليابس 00
ففي المنطقة العربية كانت بريطانيا سببا في خلق معظم القضايا التي ماتزال تعاني منها الأمرين ، فهي التي صنعت القضية الفلسطينية من حيث المبدأ ، وهي التي زرعت مشكلة الحدود بين العراق والكويت ، ويكفي أن آثار العدوان الصدامي المقيت لم تنمح من الذاكرة وربما تمتد إلى أجيال ، وهي التي زرعت مشكلة الحدود بين دول الخليج ، ولولا أن الله وهب قيادات دول الخليج و الجزيرة العربية عقولا راجحة وقلوبا كبيرة لتأججت نيران الفتنة وقضت على بذور المحبة والتآخي التي يتمتع بها أهل هذه المنطقة 00
ولعل الحديث عن بصمات "بريطانيا العظمى " والتي كانت " لاتغيب عنها الشمس " لا ينتهي ، لكن النماذج التي تحدثنا عنها قد تكفي للتدليل على مصداقية الجملة التاريخية التي كان يرددها الدكتور أحمد زكي ، بل الواقع الذي تعيشه معظم مناطق النفوذ البريطاني السابقة يؤكد تلك المقولة
لما فاز حزب العمال البريطاني في الانتخابات العامة ، بعد غياب سبع عشر سنة عن الساحة السياسية ، وجريا على عادة العرب المعاصرين تراقصت الآمال في قلوب كثيرين من أبناء الأمة العربية ، تلك القلوب التي تنتظر دائما حصول معجزة تحملها إليهم الرياح الآتية من الغرب ، فكلما فاز أحد الزعماء السياسيين في انتخابات الرئاسة في تلك البلاد يتوقع جماعتنا العرب أن يرجح هذا الزعيم أو ذاك الكفة لصالح قضاياهم ، لكنهم في نهاية المطاف يجدونها محجوزة سلفا لأعدائهم ، شا ؤا أم أبوا ، ومهما ضحوا وبذلوا ، وهم بطريقتهم هذه - ومنذ أكثر من خمسين سنة - لم يظفروا ولو لمرة واحدا بنصر مبين أو أنهم كسبوا جولة من الجولات ، فلم تعد لهم حقوق ، ولم يسترجعوا شبرا واحدا تكرما وعطفا من أي زعيم غربي 00
وكتبت منذ فترة عن ثبات المواقف الأمريكية باعتبار أن السياسة الأمريكية لا تمثل رأي فرد من الأفراد مهما كان شأنه ، فالفرد الذي يأتي اليوم سيذهب غدا ،أما المؤسسة العامة للدولة فهي أكثر بقاء وأطول عمرا ، ولذلك فإن الفرد في النظام الغربي عموما وفي أمريكا بالذات ليس هو صاحب القرار النهائي مهما كان توجهه السياسي أو انتماءه الحزبي ، القرار في الغرب مؤسسي وليس فردي ، ومهما تغيرت صور الزعامات الحاكمة في الغرب فإن القرار يبقى ممثلا للمؤسسة العامة لا الفرد الحاكم ، فالفرد ماهو إلا منفذ لقرار المؤسسة وليست المؤسسة هي التي تنفذ قرارات الفرد أو تعبر عن وجهة نظره ، وهذا نظام راسخ تسير عليه دول الغرب عموما ، مهما تغيرت الاتجاهات أو السياسات 0
وليس من الجديد القول أن من المسيئ إلى الشخصية العربية المعاصرة انتظارها الدائم لحدوث المعجزة من الشرق أو الغرب ، وكم يتمنى المخلصون من أبناء الأمة العربية المسلمة أن تشرق شمس الإبداع العربي نابعة من الذات لتصنع المجد الحقيقي فتبني للأمة كيانها القوي المستقل وبالتالي تسترجع الحقوق وتحمى الديار ، وترتفع راية المبادئي والأخلاق التي تحملتها الأمة لتنشرها في العالم أجمع وتصبح بذلك قائدة لا مقودة وسيدة لا مسودة 00
في بداية حكم العمال لبريطانيا نتمنى أن يتمكنوا من إعطاء صورة جميلة ونقية لبلادهم ، وأن يغيروا من النهج الذي سارت عليه حكومات سابقة ، ذات سياسات كانت من عوامل التنكيد ، ومن أسباب خلق المشكلات للعالم أجمع وللبلاد العربية والاسلامية على وجه الخصوص ، وليت العمال يشمرون عن سواعدهم حقيقة ويثبتوا للعالم أجمع انهم أصحاب مبادئ عادلة تحمي الضعيف وتقف إلى جانب المظلوم ، وأن تكون النظرة الانسانية والعادلة للآخرين هي ديدنهم 00فهل يفعلون ؟
وأخيرا هل سيفيق العرب من غفوتهم التي طالت ، وهل يتوقع منهم الانصراف من طابور الانتظار الممل على ابواب السياسة العالمية نرجو ذلك 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة