بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 فبراير 2011

ألا رحم الله ناشر السنة*


ألا رحم الله ناشر السنة*


كان نعم الهدية التي أهداها الله تعالى للأمة السودانيةوهل رأيت من هدية لأمة أعظم من أن يشرف الله أحد أبنائها فيجعله داعية لها إلى السنة المحمدية عقيدة وعبادة وسلوكاً؟ وكما كرم الله الأمة بأن جعل الهدية من أبنائها الهداة إلى سنة نبيه، فقد أقر عين الشيخ  بأن أراه ثمرات جهوده وإخوانه الرواد في انتشار دعوتهم في ربوع السودان وفي مؤسسات البلاد التعليمية وغير التعليميةكيف لا تقر عينه وهو يذكر كيف كان حالهم قبل أكثر من خمسين عاماً حين أسسوا جماعتهم، وحالهم حين وفاته رحمه اللهكانوا قلة من الرجال يُضطهدون ويُشتمون بل ويُضربون وهم الآن يملكون أكثر من أربعين مسجداً كما قيل ليوأما المساجد التي ينادى فيها بدعوة التوحيد فتبلغ المئات.وإذا كان الشيطان قد أثار الفتنة في جماعته الخاصة فشقها، فإن عزاء الشيخ أن القائمين بتلك الدعوة لم يعودوا محصورين في تلك الجماعة الخاصة، بل إنه يقوم بها الآن أعداد كبيرة من الرجال والنساء من الأفراد والجماعات التي لا تنتمي رسمياً لجماعة أنصار السنة المحمدية. ولقد كان لجماعته تأثير حسن حتى على الجماعات الإسلامية السياسية، بل وعلى الجماعات الصوفية.
ولا بد أن عين الشيخ قرت بنعمة أخرى وحمد ربه عليها هي نعمة القبول الذي لقيه شخصياً لا في داخل بلده، بل في كثير من بلاد العالم الإسلامي. لقي في هذه البلاد أكابر العلماء وكثيراً من الوجهاء الذين كانوا يثقون به ويحترمونه ويظنون به خيراً كثيراً. كان الشيخ عبد العزيز رحمه الله كلما لقيته بعد عودة من سفر إلى السودان يسأني أول ما يسألني عن شيخ الهدية. وكانت تزكياته التي بلغت المئات لطلاب العلم وطلاب المساعدة لا تحتاج عند من يعرفونها إلى تزكية بعدها.
  سيعجب البعض ويقولون إنك تكتب عن شيخ الهدية وعن جماعة أنصار السنة كأكنك عضو فيها. وأقول نعم إنني والله لعضو فيها إذا كانت العضوية هي عضوية الانتساب إلى الدعوة السنية لا عضوية التسجيل في وثيقة حزبية. شرفني الله بالانضمام إلى هذه الجماعة في أول نشأتها بمدينة بورتسودان وأنا في مقتبل الشباب، وعرفت الشيخ الهدية منذ ذلك الوقت لأنه كان كثيراً ما يزور إخوانه ببورسودان. كان والداي من طائفة الختمية فكنت أناقشهما برفق وأدب حتى هداهما الله، فكانت الولدة إذا زل لسانها دعت أو استغاثت بغير الله استدركت فاستغفرت. قلت لها ذات يوم بعد أن هداها الله تعالى إنني تكلمت معك كثيرا فما الذي كان سبب إقناعك من كل ما قلت، فذكرت الحديث الصحيح الذي فيه (يافاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا). وقالت إنها قالت لنفسها (ديل كلهن نحن متعقلين بيهن عشان فاطني، وفاطني يقولوا ليها كدي؟)
أما الوالد فحكى لي عنه الشيخ الهدية رحمهما الله قصة طريفة ما كنت أعرفها. قال إن خصومهم ببورسودان كانوا يسمونهم (أولاد الكلب) وقال إن بعض هؤلاء كانوا من جلساء شيخ إدريس . فلما هداه الله تعالى قال لهم ذات يوم (وكانت في الوالد كما في شيخ الهدية دعإبة) : " إنتو عارفين؟ أنا البارح بقيت مع أولاد الكلب"
أما الفائدة الكبرى الثالثة التي استفدتها من صلتي بجماعة أنصار السنة فهي أنني عرفت عن طريقهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فصحبتهما إلى يومي هذا. وكنت كثيرا ما أذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لزملائي حتي إن أحدهم ــ صديقنا العزير محمود برات عليه رحمه الله ـ قال إنه مر عليه زمان كان يظن فيه أن ابن تيمية شيخ ببورسودان!
أنتهز هذه العلاقة الشخصية بشيخنا الهدية وبالجماعة لابدي لهم رأيا أرجو أن يجدوه مفيدا.
بما أن  جماعة أنصار السنة المحمدية إنما قامت في الأساس لرد الناس إلى العقيدة الصحيحة، وتخليصهم من كل أنواع الشرك، ثم ردهم رداً عاماً إلى الاستمساك بالسنة، وبما أنها قد نجحت في تحقيق هدفها هذا نجاحاً كبيراً بعون من الله وتوفيق، فكان من رأيي أن لا تقلد الأحزاب السياسية أو الجماعات الإسلامية السياسية في طريقة عملها. لا داعي للتوسع في العضوية الرسمية، وما يتبع ذلك من اجتماعات وتصويت يشترك فيه العالم والجاهل، ولا داعي لإلزام برأي ولا سيما في الأمور السياسية التي  قد يختلف فيها الناس مع صحة عقائدهم.
أرى للجماعة أن تكون في أساسها جماعة صفوة من العلماء هم الذين يحلون ويعقدون، بعد أن يستشيروا ويستمعوا إلى من يُشير. وأرى لها أن تعد كل من قبل دعوتها أخاً لها أيا كان موضعه، وأن لا تلزم أحداً من المنتسبين إليها برأي سياسي. وهذا يعني أن لا تكون الجماعة باعتبار صفوتها التي ذكرناها جماعة سياسية، وأن لا تحرم على أحد من المنتسبين إليها الخوض في السياسة ما دام لا يتكلم باسمها وما دام لا يخالف في مواقفه قاعدة شرعية ولا سيما ما كان متصلاً منها بأصول الإيمان. وهذا لا يمنع أيضاً من أن تصدر الجماعة بيانات تعليمية توضح للناس فيها حكم الشرع في  القضايا التي تتعلق بالحكم ولا سيما ما كان منها خطيرا يمس العقيدة.
الذي أريده للجماعة أن تحذر أشد الحذر من أن تتحول إلى جماعة من العوام، فإن ذلك أضر ببعض الجماعات ضررا بليغاً.
وبما أنه من مكملات الدعوة أن تكون للجماعة مؤسسات تعبدية وتعليمية وإعلامية فلتفتح باب المشاركة فيها لكل من انتسب إليها انتساباً وكان من المؤمنين بدعوتها. هذا وفي الأمر تفاصيل لا بد من التعرض لها إذا ما قبل هذا الرأي قبولاً عاماً، قبولاً أرجو أن يساعد في لم شمل الجماعة، بل وأن تنضم إليها جماعات أخرى منهجها كمنهجها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة