بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 مارس 2011

الكون ومكوناته

تعريف الكون 


تغيّرت نظرتنا عن الكون كثيرا على مرور القرون و خاصّة في المائة سنة الأخيرة. ففي القديم كان الظّن السّائد هو أنّ الكون يقتصر على الأرض، الشّمس، القمر، خمسة كواكب و بضعة آلاف النّجوم. ثمّ تغيّرت هذه النّظرة لتظمّ كواكب المجموعة الشّمسية الأخرى، ثمّ لتظمّ باقي نجوم المجرّة، ثمّ أقرب المجرّات إلى درب التّبّانة... 
حاليا الكون هو عبارة عن مجموع المادّة و الطّاقة المعروفة و غير المعروفة. على المستوى الرّصدي، الكون هو مجموع المجرّات الّتي تكوّنه و حدوده عظيمة جدّا و غير معروفة على الإطلاق. و نموذج تكوينه هو انفجار ابتدائي جرى بعده تمدّد أدّى إلى تكوين النّجوم ثمّ المجرّات... و رغم أنّ العلماء ظنّوا لسنين عديدة أنّ الكون سيرجع إلى التّقلص، فإنّ اكتشافا حديثا أوضح أنّ الكون بالعكس يزيد في سرعة تمدّده ! و هنا نقول أنّ هذا الفرع من علم الفلك (علم الكون) في تغيّر مستمر و لا يوجد نموذج نهائي يشرح بدقّة تكوين الكون و تطوّره.
ماهو الانفجار العظيم ؟ 
تنص هذه النظرية على أن الكون ابتدأ من نقطة صغيرة من طاقة عظيمة التي تفوق في عظمها تصورنا، فانفجرت هذه الطاقة، وفي خلال لحظات من الانفجار أخذ الكون في تكونه على ما يحتويه من مواد خام لبنائه. وأخذت هذه المواد من ذرات الهيدروجين والهيليوم التمازج والارتباط ومن ثم تكوين المجرات، ثم تكونت النجوم والكواكب (ومازالت تتكون). وفي غضون ذلك كان الكون ومازال في حالة تمدد.


لقد اكتشف العلماء حقيقة تمدد الكون في القرن العشرين، فقد كان العلماء يقولون أن الكون ساكن لا يتمدد ولا ينكمش، حتى أن آينشتاين اضطر أن يضيف إلى أحد معادلاته الرياضية رقماً يدعى بـ: Cosmological Constant، أو الرقم الكوني الثابت ليرغم معادلته للتمشي مع ما هو مُعتَقداً في ذلك الوقت من سكون الكون، ولكن عندما أثبت العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن في سنة 1931 أن الكون في حالة تمدد، قال عندها آينشتاين عن الرقم الكوني الثابت أنه "أكبر خطأ في حياتي." 
لقد أُكتُشف أن الكون في حالة أتساع عندما لاحظ العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن أن المجرات (مجموعة من النجوم والكواكب، نحن نعيش في مجرة درب التبانة) في حالة تباعد عن مجرتنا. واتضح أيضا أن عموم المجرات في حالة ابتعاد عن بعضها البعض. وهذا إن دل على شيئ إنما يدل على أن الكون يتمدد. لكي نستطيع تخيل هذه الفكرة نضرب هذا المثال: تخيل أن الكون عبارة عن عجينة خبز كروية وفي داخل العجين حبات البطيخ متوزعة بشكل عشوائي، عندما نضع العجين في الفرن يبدأ العجين بالتمدد، فترى أن كل حبة من حبوب البطيخ تبدأ بالإبتعاد من الأخرى. ولكي نفهم الفكرة أكثر أحضر بالونة، وارسم عليها مجموعة من النقاط (إعتبر البالونة هي الكون والنقاط هم المجرات)، إبدأ بنفخ البالون، سترى أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها، وكلما إزداد إتساع البالون كلما ازداد بعد النقاط أكثر. وهذا ما يحدث في الكون بالضبط. 
لنرى ما يقوله الله جل وعلا عن الكون وما إذا كان ساكنا أو في حالة تمدد. يقول الله في كتابه الكريم: " وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" (الذاريات ـ 47). هنا يبين الله سبحانه أنه خلق الكون بقوته، ومعنى " بِأَيْدٍ " هنا أن الله تعالى بنى السماء بقوة لا يوصف قدرها. وهنا إشارة إلى عظم تكوين الكون في البداية، وإن قارنا التسمية التي سمى بها العلماء بدأ تكوين الكون (الانفجار العظيم) لوجدنا تطابقاً في المعاني، حيث أن بداية خلق الكون إنما هو أمر عظيم لا يوصف قدره. ثم يخبرنا الله تعالى عن حال الكون الحالي، ألا وهو انه في حالة إتساع، وأنه الله سبحانه المسؤول عن هذا الاتساع الدائم. 

الكواكب و النّجوم. ما الفرق بين الكواكب و النّجوم:

عند تأمّل السّماء في ليلة صافية نلاحظ بضعة آلاف من النّقط المتألّقة الّتي تدعى عادة النّجوم. و في الحقيقة، فإنّ ضمن هذه الآلاف من النّجوم، فإنّه يمكن، بالبعض من المثابرة و الملاحظة الدّائمتين، اكتشاف أنّ بضعة من "النّجوم" لا تتبع سلوك باقي النّجوم. وفي الحقيقة، هذه "النّجوم الغريبة" ليست إلاّ أقرب كواكب المجموعة الشّمسية إلينا !



و حيث أنّ معظم النّجوم تكوّن أشكالا ثابتة تقريبا (سنرى في الفصول القادمة المدى المتوسّط الّذي تتغيّر خلاله هذه الأشكال أو الكوكبات: حوالي قرن لملاحظة تغيّر هامّ بالعين المجرّدة، رغم أنّه من الممكن ملاحظة تغيّرات طفيفة خلال بضع سنوات باستعمال وسائل دقيقة)، فإنّ مواضع الكواكب تتغيّر بصفة ملموسة بالنّسبة للأشكال النّجومية المحيطة بها خلال أياّم فقط. و هذا ما جعل الأقدمين يفرّقون بين الكواكب و النّجوم منذ ذلك الوقت، وهذا رغم عدم علمهم بأنّه يوجد كذلك عامل طبيعي يفرّق بين الكواكب و النّجوم !


فالنّجوم عبارة عن كرات ذات حجم و كتلة هائلين مكوّنة من غاز (غاز الهيدروجين بنسبة أساسية) و منتجة لطاقة عظيمة عن طريق تفاعلات الاندماج النّووي (تكوين الهيليوم بواسطة اندماج الهيدروجين، ثمّ تكوين الفحم، الأكسجين، الحديد...) تسرب هذه الطاقة بعد ذلك في الوسط المحيط بها. و نور النّجوم الّذي يرى في اللّيل ما هو إلاّ الجزء الضّوئي لهذه الطّاقة المنتجة في قلب النّجوم، لأنّ النّجوم تشعّ هذه الطّاقة بعدة أشكال: فوتونات، جسيمات... و تولّد حرارة تبلغ ملايين الدّرجات المئوية في الطّبقات الدّاخل


بينما الكواكب عبارة عن أجسام صلبة (كالأرض مثلا) أو غازية (كالمشتري مثلا) باردة لا تنتج طاقة تلقائيا عن طريق التّفاعلات النّووية، و لهذا فهي تدعى كذلك أحيانا بالأجسام الباردة. و الضّوء الّذي يصلنا من كواكب المجموعة الشّمسية ما هو إلاّ نتاج انعكاس ضوء الشّمس عن سطحها ! فالكواكب ليست لها الكتلة الّتي تستطيع خلق الضّغط و الحرارة الكافيين لتوليد تفاعلات الاندماج النّووي.




و ملخّص القول هو أنّ الكواكب و النّجوم تختلف في بنيتها الأساسية نتيجة اختلاف في الكتلة (كتلة الشّمس تساوي حوالي 1000 مرّة كتلة المشتري و حوالي مليون مرّة كتلة الأرض !) و بالتّالي فالنّجوم تنتج طاقة عن طريق التّفاعلات النّووية بينما الكواكب عبارة عن أجسام جامدة. كما أنّه يوجد اختلاف بين الكواكب و النّجوم من الجانب الرّصدي، إذ يمكن ملاحظة تغيّر محسوس في وضعية الكواكب بالنّسبة للنّجوم خلال أيّام فقط .

الكواكب السّيارة أو الكويكبات

الكواكب السّيارة هي مجموعة من الكويكبات الّتي تدور حول الشّمس في مدار يقع بين مداري المرّيخ و المشتري. وهي صغيرة الحجم لدرجة أنّ كميّة ضوء الشّمس المنعكسة عليها ضعيفة للغاية، وهكذا فلم يتمّ اكتشافها إلاّ صدفة في بداية القرن التّاسع عشر الميلادي. ويلزم استعمال المنظار وإتّباع أسلوب رصد منتظم لاكتشاف هذه الكويكبات. و حاليا يعرف العلماء بضعة آلاف من هذه الكويكبات، وخاصّة الأكبر منها والأسهل للاكتشافحياة النجوم ونشأة الكواكب

يبدأ النجم حياته على هيئة سحابة سديمية تتكون فى الغالب من الغازات الخفيفة ، مثل الهيدروجين والهليوم ، ثم تبدأ هذه السحابة الأولية فى الأنكماش إلى الداخل بفعل الجذب التثاقلى ، فترتفع درجة الحرارة ويزداد انضغاط الغازات فى داخلها إلى الحد الذى تتفجر عنده التفاعلات النووية الإندماجية التى تعمل على توليد طاقة إشعاع غزيرة فى باطنها تعمل على إيقاف انكماش السحابة وتوازنها على هيئة كرة غازية ذاتية الإشعاع فيما يعرف "بالنجم الوليد" .
ويكون النجم الوليد فى العادة عملاقا كبيرا يصل حجمه إلى ما يعادل مئات الملايين من المرات اتساع الشمس، كما أن درجة حرارة سطحه تكون عادة منخفضة حيث يميل لونه إلى الحمرة ويعرف بالعملاق الأحمر ، ويتوالى انكماش النجم وترتفع بذلك درجة حرارة سطحه تدريجيا ويتغير لونه من الأحمر إلى الأصفر ثم إلى الأبيض وبعد ذلك إلى الأزرق.

والشمس أحد النجوم الصفراء التى تصل درجة حرارة سطحها إلى حوالى 6000ْ مئوية ، فى حين تنخفض درجة حرارة النجوم الحمراء إلى ما تتراوح ما بين ْ3500 - 4000ْ مئوية . بينما تصل درجة حرارتها أسطح النجوم البيضاء إلى 10.000ْ مئوية ، أما أسطح النجوم الزرقاء فتصل إلى 25000ْ مئوية فى المتوسط . ويتشابه الاختلاف فى ألوان النجوم مع التغير فى لون قطعة من الحديد عند تسخينها وارتفاع درجة حرارتها بالتدريج ، حيث تبدأ باللون الأحمر ثم تصفر بعد ذلك بزيادة الحرارة ثم يتحول لونها إلى الأبيض فالأزرق بتوالى الارتفاع فى درجة حرارة التسخين.

ويتغير حجم النجم أثناء تطوره وتقدمه فى العمر ، ففى البداية يكون النجم عملاقا ثم ينكمش إلى حجم مقارب لحجم الشمس ، وتعرف هذه النجوم الأخيرة بشبيهات الشمس وهى تكون الغالبية العظمى للنجوم . وقد تنفجر النجوم التى تشبه الشمس مكونة نجوما مستعرة (Nova ) تتقلص بعدها إلى نجوم قزمية بيضاء ( White Dwarfs ) . أما النجوم الأثقل من الشمس فتنفجـر مكونـة نجومـا مـن النـوع المستعر الأعظم ( Supernova ) ، تتقلـص بعدهـا إلـى نجوم نيوترونية ( Neutron Star ) أو ثقوب سوداء ( Black Hole ) . والنجوم القزمية نجوم ضامرة أما النجوم النيوترونية فلها إشعاع راديوى وسينى نابض ، بينما لا تصدر أية إشعاعات من الثقوب السوداء نظرا لجاذبيتها الكبيرة التى تأسر الضوء الصادر منها .

وقد تتكون للنجوم توابع من الكواكب والأقمار حيث تؤدى الاصطدامات بين النجوم بعد نشأتها على تكون حطام يدور حول النجوم على هيئة كواكب وأقمار وأجسام نيزكية ، وقد تنشأ الكواكب من بقايا الحطام السديمى الذى تكون منه النجم أو جراء بروز ألسنة مادية تنطلق من جسم النجم حديث التكوين حيث تتكسر هذه الألسنة الغازية وتبرد مكونة عددا من الكواكب على أبعاد مختلفة من النجم الأم ، وتعرف هذه المنظومة بالمجموعة النجمية .

وما مجموعتنا الشمسية إلا إحدى هذه المجموعات المنتشرة فى الكون والتى بدأت تكشف عن وجودها من خلال استخدام تقنيات للرصد الفلكى الحديث مثل تأثير قوة الجاذبية لهذه الكواكب على سطوع النجوم التى تأسرها.

وبصفة عامة تتغير الخصائص الفيزيائية والكيميائية و الاتزانية للنجم عبر مراحل حياته المختلفة التى قد تمتد إلى ما يزيد عن عشرة آلاف مليون سنة ، وما شمسنا إلا أحد النجوم الوسط التى تتميز بالتوازن والاستقرار، الأمر الذى ينعكس على استقرار الحياة على الأرض. و لا غرابة من ذلك فالشمس فى منتصف عمرها ، الذى مضى منه ما يقرب من 4.6 ألف مليون سنة ، وهذا ما يميزها عن النجوم حديثة التكوين التى تتصف بعدم الاتزان والاستقرار فى خواصها .
وعلى الرغم من العدد الهائل للنجوم الذى يصعب إحصاؤه حتى الآن ، نظرا للاتساع اللانهائى للكون الذى وصفه الشعلامة أينشتين بالكون المحدود ولكنه بلا حدود ، لم يتمكن العلماء حتى الآن من إثبات وجود كواكب أخرى غير الأرض فى مجموعتنا الشمسية وخارجها ، بها المقومات الحياتية المطلوبة لإعاشة الإنسان عليها حرا طليقا ، يتنفس من هوائها ويروى عطشه من مائها وينهل من خيراتها وثمارها . وفى حقيقة الأمر ، إذا ما بحثنا احتمال وجود كواكب شبيهة بالأرض لها من المقومات والظروف التى تلائم حياة الإنسان والحيوان والنبات ، نجد أن هذا الاحتمال يخضع لعوامل كثيرة جدا إلى الحد الذى يقلل من تواجد هذه الكواكب الإنسانية بالكثرة المتوقعة فى الكون المحيط بنا . وهذا ما يلفت انتباهنا إلى ما أشار إليه القرآن الكريم من وجود عدد محدود من الكواكب الشبيهة بالأرض والذى حددها المولى عز وجل بسبعة أراضين فقط فى قوله عز وجل .

ما هو الكون؟

منذ أقدم الأزمنة ، و الناس يتطلعون نحو السماوات بدهشة و ذهول . و قبل أن يتفهموا شيئاً عما كانوا يشاهدونه ، عبدوا الشمس و القمر و الكواكب السيارة كآلهة . و عندما عرفوا تحركات الأجسام المنتظمة في الفلك ، اتخذوها مقياساً و أساساً للتقاويم .

و في ليلة صافية يمكنك أن ترى عدداً كبيراً من النجوم ، و بالرغم من أنها تبدو كنقط صغيرة من الضوء . فهي في الواقع أجسام كبيرة كروية تطلق مقادير عظيمة من الضوء و الحرارة ، و هي تبدو لنا صغيرة لأنها تبعد عنا ملايين الكيلومترات . لذا فالفلكيون لا يقيسون المسافات الكونية بالكيلومترات بل بالسنين الضوئية .

و السنة الضوئية هي المسافة التي يجتازها الضوء في سنة . و تساوي نحو 9 ملايين مليون كيلومتر . و أقرب نجم للشمس و هو ( الظلمان القريب ) يبعد عنا أكثر من 4 سنين ضوئية ، أما نجم ( ذنب الإوزة ) فيبعد عنا حوالي 650 سنة ضوئية .
و هناك نجوم أكبر كثيراً من غيرها ، و البعض الآخر أعظم إشراقاً إما لأنه يطلق مزيداً من الضوء أو لقربه منا . و الضوء الذي تطلقه النجوم مختلف الألوان . فالنجم الذي يبدو بلون أحمر هو أبرد من النجم الأبيض الأقرب للزرقة . و أهم نجم بالنسبة لنا هو الشمس و هي تطلق ضوءاً أصفر و تبدو لنا نسبياً كبيرة ، مع أنها في الواقع أصغر كثيراً و أقل إشراقاً من النجوم الأخرى ..

و بالرغم من أن النجوم بعيدة جداً بعضها عن بعض فإنها تقع في متجمعات تدعى [ المجرات ] . و الشمس هي واحدة من ملايين النجوم التي لا تحصى و التي تؤلف مجرتنا [ درب التبانة ] . و بالإمكان أحياناً مشاهدة قسم من مجرتنا ممتدة كشريط خافت من النجوم في الفلك . و هذا الشريط هو درب التبانة ، و بالإمكان تقسيم النجوم في المجرة إلى مجموعات أصغر هي الكوكبات أو الصور الفلكية التي تعرف بأشكالها . و تساعد الأبراج الأشد تألقاً مثل [ كوكبة الجبار ] في تحديد مواقع الكوكبات أو النجوم الأقل إشراقاً . 

أما المجرة فهي ضخمة للغاية و تحتاج مركبة فضائية إلى 100000 سنة ضوئية لتجتازها . و لكي تصل المركبة إلى أقرب مجرة منا و هي مجرة [ المرأة المسلسلة ] يلزمها مليونا سنة . 

أما مجرتنا فهي واحدة من آلاف ملايين المجرات و كلها تختلف شكلاً و حجماً عن بعضها البعض . كما توجد في الفضاء أيضاً سحب كبيرة من الغاز و الغبار تدعى [ السدم ] ، و هكذا يتألف الكون من المجرات و السدم و الفراغ بينها .

و يمكن تلخيص تعريف المجرة Galaxy بأنها نظام نجمي يرتبط ببعضه و يسير وفق نظم معين ، و يتحرك في الفضاء ككتلة واحدة مع اختلاف حركة أجزاءه الداخلية . و تتكون المجرة من بلايين النجوم و الكواكب و المذنبات و النيازك بالإضافة إلى الغبار الكوني و الغازات [ أهمها الهيدروجين ] و السحب الكونية ، تدور بعضها حول بعض و تربطها قدرة البارئ بالجاذبية فتجعلها وحدة متماسكة عظيمة . و هناك الملايين من المجرات في الكون . و هذه المجرات تتحرك منتشرة في الفضاء الكوني . 

و يقول علماء الفلك أن المجموعة الشمسية ما هي إلا جزء صغير من مجرة درب التبانة . و يقدر الفلكيون عدد النجوم في مجرتنا فيقولون أن عددها ما يقارب 100000مليون نجم ، و أنه يستغرق الضوء كي يقطع المسافة من طرف المجرة إلى الطرف الآخر مئة ألف سنة ، و سمكها من الوسط يقطعه الضوء في عشرة آلاف سنة .

و لسنا نعرف حجم الكون لكننا نعلم أن المجرات يبتعد بعضها عن بعض بسرعات عظيمة . فالكون إذاً يتمدد كمنطاد ينتفخ . و يعتقد كثير من الفلكيين أن هذا التمدد مستمر منذ نشأة الكون ربما قبل سبعة آلاف مليون سنة ، و قد تكونت النجوم و الكواكب السيارة ببطء شديد . و النجم يطلق ضوءاً و حرارة لمدى ملايين السنين ثم يخفت ضوءه و يحتضر ، و في الوقت نفسه تتكون نجوم أخرى من السحب الغازية .

قال الله تعالى : (( و آية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز الحكيم و القمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار و كل في فلك يسبحون )) سورة يس من آية 37-40
· موقع الأرض من الكون

حتى السنوات الأخيرة كان سكان الأرض يعتبرون أنفسهم مقيدين بالأرض وحدها ، أما اليوم . و بعد أن تجول الإنسان في الفضاء الذي يحيط بالأرض ووضع أقدامه على سطح القمر . أصبح بإمكاننا أن نقول أن الإنسان لم يبق مقيداً بالأرض فقط . بل أصبح رائداً للفضاء أيضاً . و من مشاهدة الإنسان عبر الصور الواردة من المركبات الفضائية و الأقمار الاصطناعية استنتج الإنسان أن الأرض جسم صغير يسير في الفضاء بين عدد لا حصر له من الأجرام السماوية و قد لا يكون حجم الأرض بالنسبة للكون أكبر من حبة رمل بالنسبة للأرض . و في مقدورنا أن ندرك المسافات بين الكواكب و بوجه خاص بين الشمس و الأرض و بين الأرض و النجوم القريبة .


يتكون الكون في محتواه حاليا , كما قدره العلماء , علي 5% مادة عادية كالنجوم والكواكب والغازات والغبار الكوني ,و25% مادة مظلمة لم تكتشف بعد و70% طاقة مظلمة يفترض أن لها كتلة حسب معادلة نسبية إينشتين (E = mc2).) التي تعبر عن صلة الطاقة بالكتلة . فالكون كما يقال , يسوده قوي الطاقة المظلمة والمادة المظلمة والطاقة الضوئية الكاشفة للأجزاء المرئية بالكون . فالطاقة المظلمة قوة طاردة في كل مكان تشق الكون . وهذه القوة لا تندفع ضد قوة الجاذبية فقط بل لها رؤوس تدور سريعا دورات حلزونية .فبينما الجاذبية تربط الكواكب والنجوم والمجرات معا برفق وهوادة , نجد أن القوة المظلمة تدفع بالمجرات بعيدا عن بعضها لتتسارع سرعتها في أقصي أرجاء الفضاء . فالكون في بدايته كان حساء مظلما يتكون من الطاقة المظلمة والمادة المظلمة والمادة العادية .
المادة المظلمة
مكونات الكون


مما تتكون المادة المظلمة ؟ . لا أحد يعرف . عكس مانعرفه عن المادة العادية التي نراها من حولنا . فنجدها ذرات تتكون من بروتونات والكترونات ونيترونات . وقد يتبادر لأذهاننا تساؤل ملح حول الفرق مابين الطاقة المظلمة والمادة المظلمة .وهل هما طاقة مادة مظلمة , و يعتبران نفس الشيء ؟.حيقة الطاقة المظلمة تبدو أنها تعتمد علي سطوع ضوء المستعرات العظمي البعيدة جدا التي تشير إلي القوة الغامضة التي تظهر لنا أن الكون يتمدد ولاسيما أن الإكتشافات الجديدة قد أمدت علماء الفلك بأدلة جيدة من بينها , أن ثمة قوة تتجه باتجاه خارج المنظومة الكونية اطلق عليها الثابت الكوني أو الطاقة المظلمة .فالمعلومات حول دوران المجرات بين لنا أن الأجزاء الخارجية من الكون تدور بسرعة دوران الأجزاء الداخلية به . وهذه المعطيات الفيزيائية بان ثمة إحساس طاغ بانه يوجد توزيع كروي للمادة في كل مجرة بحيث لانراها . وهذا يشير إلي وجود مادة مظلة فيها ز قد تكون جسيمات غريبة أو نجومهائبة العدد و متناهية الصغرلدرجة لايمكن إشتعالها . وبعيدا عن الجدل حول هذه المادة المظلمة التي لم يهتد العلماء لكنهها . غل أنه يمكن قياسها برصد ابعاد المستعرات العظمي البعيدة والخلفية الكونية الميكروويفية(background microwave Cosmic).وهذا ماتم القيام به مؤخرا حيث أظهرت القياسات وجود الطاقة والمادة المظلمتين .فالطاقة المظلمة أصبحت حقيقة لايمكن لأحد تفسيرها , لكن العلماء يعرفون تأثيرها . لكن رغم هذه الفرضيات يظل السؤال حول هذه المادة الغير منظورة والغامضة لايجد جوابا شافيا للعلماء ولاسيما وأنها موجودة في كل مكان بالكون . لكنهم لم يستطيعوا فهمها حتي الآن . إلا أن المستعر الأعظم الذي توهج متفجرا بين أن ثمة قوة غامضة بالكون تعمل ضد جذب الجاذبية مما جعل المجرات تطير بعيدا عن بعضها بسرعة هائلة في الفضاء . وأخيرا .. نجد أن 95% من الكون مازال غامضا ومجهولا لنا . وستستمر الطاقة تدفع بالكون بعيدا إلي المجهول .لكنه سيظل خاضعا لهيمنة القوي العظمي به حتي يواجه مصيره الغامض خلال بلايين السنين القادمة ليصبح كونا مملا وباردا, وأرق كثافة مما هو عليه الآن . ومع هذا ..مازال العلماء ينظرون للكون السحيق نظرة متخاذلة وبرؤية ضبابية.
الطاقة الضوئية

عندما إخترق العلماء الفضاء بواسطة التلسكوبات العملاقة من فوق الأرض أو بالفضاء ,لاحظوا طاقة الضوء المنبعث من الأجرام السماوية .فأطلقوا عليها الإشعة الكهرو مغناطيسي electromagnetic radiation التي تأتينا في شكل موجات طولية كموجات الراديو( أطول هذه الموجات طولا ), والأشعة دون بنفسجية, والضوء العادي, والأشعة فوق البنفسجية وأشعة X وأشعة جاما (أقصر هذه الموجات طولا .وأعلي شكل من الطاقة ). وبعض هذه الأشعة يري بصريا بالعينين كالضوء المرئي الذي يعتبر أحد طاقات الضوء . والمجرات والنجوم وبقية الأجرام والأشجار فوق الأرض , وكل ماتراه العين , يتوهج بطاقة أحد هذه الموجات الطولية . لكن في العقود الأخيرة .أصبح الباحثون أكثر إقتناعا بوجود مادة بكميات هائلة في الكون لاتضيء ولا تتوهج . واصبح معظم العلماء بعتقدون في وجود المادة المظلمة الغامضة التي تشكل 90% أو أكثر من الكتلة الكلية للكون . كما أن العنقود المجراتي الذي يضم العديد من آلاف المجرات , يظهر عليه تأثيرات الجاذبية التي تعلل بوجود مادة مظلمة خفية لا تري داخل هذا العنقود .لأن هذه المادة المظلمة لاينبعث منها طاقة كافية ليمكن إدراكها مباشرة . والباحثون قد تمكنوا من ملاحظة وجودها بطريقة غير مباشرة .لأن اي شيء له كتلة . و لابد وأن يكون له جاذبية . لهذا المادة المظلمة لها قوة جاذبية ساحبة(جاذبة ) للأجسام داخل وحول المجرات البعيدة . حتي الضوء المنبعث منها ينجذب بقوة جاذبيتها. .ومن خلال قياس هذه التأثيرات الغامضة, تمكن العلماء من تقدير الجاذبية الزائدة والموجودة بهذه المجرات . ومن خلالها قدروا كمية المادة الزائدة بها .وقالوا أن ثمة مادة مظلمة موجودة هناك . وأن العناقيد المجراتية الكبري يوجد بها مادة مظلمة أكبر من التي بالنجوم والغازات 5- 10 مرات.
الكثافة الكونية

هناك جدل ثان يقوم علي الدراسات حول كثافة الطاقة الكلية للكون . حيث كان معروفا نظريا ومشاهدا تيا منذ مدة,أن هذه الطاقة الكلية كثافتها تقترب من الكثافة الحرجة The critical density المطلوبة لجعل الكون مسطحا ومنبسطا . أو بعبارة أخري التقوس الكوني يصبح صفرا في الزمان والمكان كما جاء في النظرية النسبية العامة لإينشتين .و حبث كانت الطاقة تعادل الكتلة كما في النظرية النسبية الخاصة (E = mc2) .وهذا يمكن التعبير عنه بكثافة الكتلة الحرجة اللازمة لجعل الكون منبسطا . فالكتلة المضيئة من مادة الكون تعادل 2-5 % من الكتلة اللازمة لكثافة هذه الكتلة . لأن المادة المظلمة لاتشع ضوءا كافيا لرؤيته, مما يجعلها كتلة مخفية. لكن من خلال الملاحظات التي توصل اليها علماء الفلك عام 1990 ,حول المجرات وعناقيدها . قد جعلتهم يخمنون أن هذه المادة المظلمة لاتتعدي 25% من كثافة الكتلة الحرجة. ومن خلال الملاحظات للمستعر الأعظم تنبأ علماء الفلك بأن الطاقة المظلمة تشكل 70%من كثافة الطاقة الحرجة . وعندما تجمع كتلة المادة مع طاقتها , تصبح الكثافة الكلية للطاقة تعادل تماما ما يحتاجه الكون ليكون منبسطا ومسطحا .
المادة ومضادها

ماهي مادة الكون ؟. تكونت المادة العادية في الكون من ثلاثة أشياء هي الهيدروجين والهليوم وبقايا رماد النجوم الميتة بعد تفجرها بالفضاء خلال بليون 4,5سنة الماضية . وبعد الإنفجار الكبير منذ حوالي 15 بليون سنة كان الهيدروجين يمثل 75% من كتلة الكون والهيليوم 25%. وكانت العناصر الكيماوية اللازمة للحياة كالكربون والأكسجين والنيتروجين ليس لها وجود . ولما تقلصت سحب الهيدروجين والهيليوم بتأثير جاذبيتهما الذاتية تكونت النجوم كأفران نووية إندماجيةللعناصر الخفيفة كالهيدروجين والهيليوم مولدة عناصر ثقيلة قامت بتشكيل صخور الكواكب والبحار الدافئة وأشكال ذكية من الحياة . وانطلقت هذه الكتل الثقيلة للفضاء بعيدا عن النجوم الملتهبة لتصبح جيلا ثانيا من النجوم والكواكب . والكربون أحد هذه العناصر وهو أساسي لبعث الحياة , وقد بدأت أنويته تتكون في قلوب النجوم في أواخر حياتها حيث إحترق كل الهيدروجين وتحول إلي الهيليوم الذي تحول إلي كربون وأكسجين وغيرهما . وتتكون المادة في الأرض من ذرات بها إلكترنات وبروتونات ونيوترونات وكواركات . ولا يوجد بها مضادات جسيمات كمضادات البروتون أو النيوترون أو الكواركات وإلا فنيت . لأن الجسيمات ومضاداتها سترتطم ببعضها ويفني بعضها بعضا مما يسفر عن توليد إشعاعات عالية الطاقة . والكون قد بدأ بزيادة مفرطة في عدد الكواركات وقلة في عدد مضادات الكواركات . لأنهما لو تساويا فإنهما كانا سيقتربان من بعضهما وسيفنيان المادة الكونية الوليدة ولأصبح الكون مليئا بالإشعاعات عالية الطاقة ولاسيما في طفولة الكون .ولن يكون به مادة ولا أجرام أو مجرات أو حتي حياة فوق الأرض لولا ستر الخالق سبحانه. لأن الكون بعد الإنفجار الكبير كانت حرارته هائلة وهذه الحرارة كانت كافية لصنع مضادات المادة وهذا لم يحدث ولاسيما وأن طاقة الجسيمات الأولية كانت عالية وكافية لإحداث هذا التغيير. فلم تتحول الإلكترونات والكواركات إلي مضاداتها في الكون الطفولي . لكن حدث العكس فلقد تحولت مضادات الكواركات إلي إلكترونات وهذا ما جعل الكواركات موجودة . وكان الكون قبل الإنفجار الكبير حجمه صفرا وحرارته بعده كانت عالية جدا . وكلما تمدد قلت حرارته . فبعد ثانية من الإنفجار الكبير هبطت الحرارة 10 آلاف مليون درجة مئوية . وهذا الهبوط يعادل ألف ضعف درجة حرارة قلب الشمس . وكان محتوي الكون وقتها فوتونات وإلكترونات ونيترونات وكلها جسيمات خفيفة جدا لاتتأثر إلا بالقوي النووية الضعيفة وقوة الجاذبية. فإذا كان الكون في بدايته ساخنا جدا بسبب الفوتونات إلا أنه حاليا حرارته محدودة فوق الصفر المطلق .وخلال الساعات الأولي المعدودة أنتج الهيليوم والعناصر الأخري .وأخذت الإلكترونات والأنوية تفقد طاقتها .لتتحد معا مكونة الذرات بينما الكون يتمدد ويبرد. والمناطق التي أصبحت أكثر كثافة من المتوسط فإن سرعة تمددها تقل بسبب تزايد قوة الجاذبية . مما يسفر عنها توقف التمدد في بعض المناطق بالكون . وهذا يجعلها تتقلص ثانية . وخارج هذه المناطق .. فإن قوة الجاذبية تجعل هذه المناطق المحيطة تبدأ في الدوران مما أظهر المجرات الدوارة التي تشبه القرص . أما المناطق التي لا يحدث بها الدوران فيصبح شكلها بيضاويا ويطلق عليها المجرات البيضاوية . ومن أهم الأفكار في ميكانيكا الكم معادلة العالم الإنجليزي (بول ديراك) التي تنبأ فيها بالمادة المضادة في الكون والذرة . ولما أكتشف البوزيترون (الإلكترون الموجب) إعتبره مضادا للإلكترون السالب الشحنة رغم أنه يشبهه .لهذا نجد أن لكل مادة أو جسيم بالذرة مضادا . ولو تقابلت أو إرتطمت المادة مع مضادها يحدث تفجير إشعاعي كما حدث مع البروتون عندما إرتطم مع مضاده في مسرع (سرن )السويسري . ويعتقد علماء الفيزياء النظرية أن الكون ككل له مضاد يناظره . ولو تقابلا يحدث بينهما تفجير إشعاعي . ومن ثم إعتبرت المادة المضادة لغزا حتي الآن لاسيما عندما تتلاشي كما حدث للبروتون مع مضاده في مسرع (سرن)بجنوب سويسرا . والسؤال الذي يحير العلماء فعلا.. إذاكان لكل جسيم بالكون مضاد له . فلماذا الكون صنع من المادة ؟. ولاسيما وأن كل مادة يقابلها عشرة ملايين مادة مضادة . فأين ذهبت هذه المواد المضادة ؟. وعلماء الفيزياء الحديثة يؤكدون علي أنه بعد الثانية الأولي من الإنفجار الكبير بالكون كانت توجد مادة فائضة تغلف المواد المضادة . وبعد إرتطامها ببعض نتج عنها إشعاعات كونية ومادة فائضة صنعت كل شيء بالكون حاليا بما فيه النجوم والمجرات والأرض . وفي مسرع (سرن) تعتبر بعض الجسيمات وحوشا رهيبة ويطلق عليها جسيمات لحظية(فيمتوثانيتية) . لأنها تعيش لجزء من بليون البليون من الثانية كجسيمات (Z.W). وتسبب تلفا إشعاعيا في ذرات بعض العناصر كاليورانيوم .وهذه الجسيمات اللحظية تحمل قوة ضعيفة نسبيا بالنسبة للقوي الأربع التي تحكم الذرات .

القوة المسؤولة عن تماسك الكون(القوة التجاذبية):

على الرغم من أن هذه القوة هي القوة الوحيدة التي نستطيع إدراكها عادة، فإنها هي أيضا القوة التي نعرف عنها أقل قدر من المعلومات وعادة ما نطلق على هذه القوة اسم الجاذبية، في حين أنها تسمى في الواقع ''قوة جذب الكتل''''mass attraction force'' .

وعلى الرغم من أن هذه القوة هي أقل القوى شدة مقارنة بالقوى الأخرى، فإن الكتل الكبيرة جدا تنجذب بواسطتها نحو بعضها البعض وهذه القوة هي السبب في بقاء المجرات والنجوم الموجودة بالكون في مدارات بعضها البعض ومرة أخرى، تظل الأرض والكواكب الأخرى تدور في مدار معين حول الشمس بمساعدة هذه القوة التجاذبية كما أننا نتمكن من المشي على الأرض بسبب هذه القوة ولو حدث انخفاض في قيمة هذه القوة، لسقطت النجوم، لانتزعت الأرض من مدارها، ولتشتتنا نحن عن الأرض في الفضاء قال الله تعالى في القرآن الكريم إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[سورة فاطر:41].

وفي حال حدوث أدنى زيادة في قيمة هذه القوة تتصادم النجوم ببعضها البعض، وتصطدم الأرض بالشمس، وننجذب نحن نحو القشرة الأرضية· وقد يبدو لك أن احتمالات حدوث تلك الأشياء بعيدة جداً الآن، ولكنها ستكون حتمية لو انحرفت هذه القوة عن قيمتها الحالية ولو حتى لفترة قصيرة جدا من الوقت ويعترف كل العلماء الذين يجرون بحوثاً حول هذا الموضوع أن القيم المحددة بدقة لهذه القوى الأساسية تعتبر من العوامل الحاسمة في وجود الكون وعندما تناول هذه النقطة عالم البيولوجيا الجزيئية الشهير مايكل دنتون Michael Denton، أشار في كتابه ''قدر الطبيعة: كيف تكشف قوانين البيولوجيا الغاية من الكون ''How the Laws of Biology Reveal Purpose in the Universe Nature's Destiny '' إلى أنه: ''لو كانت، على سبيل المثال، القوة التجاذبية أقوى تريليون مرة، لكان الكون أصغر بكثير، ولكان تاريخ حياته أقصر بكثير ولكانت كتلة أي نجم عادي أقل تريليون مرة من الشمس ولبلغت دورة حياته نحو سنة واحدة ومن ناحية أخرى، لو كانت الجاذبية أقل قوة، لم تكن أية نجوم أو مجرات لتتكون على الإطلاق وليست العلاقات والقيم الأخرى أقل خطراً فلو كانت القوة الشديدة أضعف قليلاً، لكان الهيدروجين هو العنصر الوحيد المستقر ولما تمكنت أية ذرات أخرى من الوجود ولو كانت القوة الشديدة أقوى قليلاً مقارنة بالقوة الكهرومغناطيسية، لأصبحت النواة الذرية المكونة من بروتونين فقط سمة ثابتة في الكون - ويعني ذلك انعدام وجود الهيدروجين - وإذا نشأت أية نجوم أو مجرات، ستكون مختلفة جداً عن شكلها الحالي ومن الواضح أنه لو لم تكن لهذه القوى والثوابت المختلفة قيمها الحالية بالضبط، لما كانت هناك أية نجوم، أو نجوم متفجرة فائقة الوهج supernova، أو كواكب، أو ذرات، أو حياة " (1) وقد عبر الفيزيائي المعروف بول ديفيز Paul Davies عن إعجابه بالقيم المقدرة سلفاً لقوانين الفيزياء في الكون : " عندما يلجأ المرء لدراسة علم الكونيات، يزداد لديه الميل إلى الشك· ولكن الاكتشافات الأخيرة فيما يتعلق بالكون البدائي تضطرنا إلى القبول بأن الكون المتمدد قد بدأ في حركته بتعاون يتسم بدقة مثيرة للدهشة ''(2) ويسود الكون كله تصميم فائق وتنظيم متقن يقومان على أساس توفر هذه القوى الأساسية ومالك هذا النظام هو، دون شك، الله سبحانه وتعالى، الذي خلق كل شيء من العدم دون أية عيوب وإذا تأملنا قليلاً سنجد أن الله، رب العالمين، يبقي النجوم في مداراتها بأضعف القوى، ويبقي على توازن نواة الذرة الدقيقة بأشد القوى وتعمل كل القوى وفقاً ''للحدود'' التي قدرها الله وقد أشار الله إلى النظام الموجود في خلق الكون والتوازنات ''المقدرة بمنتهى الدقة'' في إحدى آياته: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان: ·2).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة